وأجهشتُ للتَوْباذِ (١) حين رأيتهُ |
|
وكبّر للرحمٰن حين رآني |
وأذريتُ دمعَ العين لمّا أتيتُه |
|
ونادىٰ بأعلىٰ صوته فدعاني |
فقلتُ له : أين الّذين رأيتُهم |
|
بجنبك في خفضٍ وطيبِ زمانِ ؟ ! |
فقال : مضوا وٱستودعوني بلادهم |
|
ومن ذا الذي يبقىٰ علىٰ الحدثانِ ؟ ! |
ضرورة أنّه لا سؤال هنا ، ولا جواب ، ولا تكبير ، ولا نداء ، ولا دعاء ، وإنّما هي مجازات علىٰ سبيل التمثيل والتصوير .
ومثله قول بعضهم (٢) :
وقالت له العينان : سمعاً وطاعةً |
|
وحدّرتا كالدرّ لمّا يثقّبِ |
وقال مزاحم العُقيلي (٣) :
بكت دارُهم من أجلهم فتهلّلت |
|
دموعي فأيّ الجازعين ألوم ؟ ! |
وكانوا إذا أَخبَروا عن عظم المصاب بموت الواحد من عظمائهم يقولون : بكته السماء والأرض ، وأظلمت لفقده الشمس والقمر . .
__________________
(١) التَوْباذ : جبل بنجد ؛ ٱنظر : معجم البلدان ٢ / ٦٤ رقم ٢٦٦٩ .
(٢)
(٣) ٱنظر : الأغاني ١٩ / ١٠٥ .
ومزاحم بن الحارث ، أو : مزاحم بن عمرو بن مرّة بن الحارث ، من بني عقيل ابن كعب بن عامر بن صعصعة .
شاعر غزل بدوي من الشجعان ، كان معاصراً لجرير والفرزدق ، وسئل كلٌّ منهما : أتعرف أحداً أشعر منك ؟ فقال الفرزدق : لا ، إلّا أنّ غلاماً من بني عقيل يركب أعجاز الإبل وينعت الفلوات فيجيد . وأجاب جرير بما يشبه ذلك . وقيل لذي الرمّة : أنت أشعر الناس ! فقال : لا ، ولكن غلام من بني عقيل يقال له مزاحم ، يسكن الروضات ، يقول وحشياً من الشعر لا يقدر أحد أن يقول مثله .
ٱنظر : خزانة الأدب ٦ / ٢٥٦ ، الأعلام ٧ / ٢١١ .