وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) (١) ، والفرار في اللقاء من الكبائر التي توعّد الله عليها النار ، كما في قوله تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (٢) .
وكذلك الحال في غزوة « أُحد » كما أشرنا إليه سابقاً في سورة آل عمران ، وقد قتل خالد بن الوليد بني جذيمة في فتح مكّة حينما بعثه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حولها في سرايا تدعو إلىٰ الله تعالىٰ ولم يأمرهم بقتال ، وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ، فغدر خالد بهم وقتلهم ، فانتهىٰ الخبر إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فرفع يديه إلىٰ السماء ثمّ قال : « اللّهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد » ثلاث مرّات ؛ ثمّ أرسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام فودىٰ لهم الدماء وأرضاهم (٣) .
فتبيّن أن لا تلازم بين صدور العمل الصالح ـ علىٰ تقدير ثبوته ـ وبين استقامة الشخص في بقيّة أعماله ، فضلاً عن عصمته وإمامته في الدين .
أمّا الخوض في الفتوحات بشكل إجمالي فالنظرة المقابلة تقيّم الفتوحات التي حصلت بأنّها كانت بمثابة سدوداً أمام انتشار الدين في كلّ أرجاء المعمورة ، فإنّ هذا الدين الحنيف لا يصمد أمام بريق نوره الأقوام البشرية إلّا وتنجذب إليه ، وهذا هو عمدة نهج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته إلىٰ الإسلام . .
قال تعالىٰ : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٢٥ .
(٢) سورة الأنفال ٨ : ١٥ و ١٦ .
(٣) المغازي للواقدي ـ ٣ / ٨٧٥ ـ ٨٨٤ .