القرآن الكريم في سوره المباركة أشار إلىٰ مشكلة كبيرة وخطيرة كانت قائمة تواجه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين ، وهي أصناف وطوائف المنافقين ، وقد أشرنا في ما سبق إلىٰ بعض تلك السور الكريمة ، ولا يفتأ القرآن يتابعهم في كلّ خطواتهم ، التي كانت خطيرة علىٰ أوضاع المسلمين حتّىٰ آخر حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم . .
ولكن فجأة لا يرىٰ الباحث في التاريخ وجوداً لهذه المشكلة بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ! فهل إنّ أفراد طوائف ومجموعات النفاق قد تابوا وآمنوا بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ ! أم إنّ الوضع ـ كما يصفه حذيفة بن اليمان ، الخبير بمعرفة المنافقين ، كما في روايات الفريقين ، والذي شهد مؤامرة العقبة التي دُبّرت في غزوة « تبوك » لاغتيال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عاد مؤاتياً لتحرّكهم وفسح المجال لهم بالجهر بمقاصدهم التي يحيكونها ضدّ الإسلام ؟ !
٢ ـ وروىٰ أيضاً ، عن أبي الشعثاء ، عن حذيفة ، قال : إنّما كان النفاق علىٰ عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأمّا اليوم فإنّما هو الكفر بعد الإيمان (١) .
٣ ـ وروىٰ مسلم في صحيحه ، عن قيس ، قال : قلت لعمّار : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر عليٍّ ، أرأياً رأيتموه ، أو شيئاً عهده إليكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ !
فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً لم يعهده إلىٰ الناس كافّة ، ولكن حذيفة أخبرني ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : في أصحابي اثنا عشر منافقاً ، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّىٰ يلج الجمل في
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ١٠٤ ح ٥٨ كتاب الفتن ب ٢١ .