العبّاس ، وإذا كان يرثهم ـ كما عبر البخاريّ ـ فلكونه أخاً لهم من الأبوين ، فهو يحجبُ الإخوة من طرفٍ واحدٍ ، كما عليه فقه الإماميّة (١).
وقال الشيخ المفيد : لمّا رأى العَبّاسُ بن عليّ عليهما السلام كثرة القتلى في أهله ، قال لإخوته من أُمّه ـ وهم عَبْد الله ، وجعفرٌ ، وعُثمانُ ـ : «يا بني أُمّي ، تقدّموا أمامي حتّى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله ، فإنّه لا ولد لكم» (٢).
وقال الدينوريّ : لمّا رأى ذلك العَبّاس ، قال لإخوته : عَبْد الله ، وجعفر ، وعثمان : بني عليّ وعليهم السلام ، وأُمّهم جميعاً أُمُّ البنين العامريّة من آل الوحيد : «تقدّموا ـ بنفسي أنتم ـ فحامُوا عن سيّدكم ، حتّى تموتُوا دُونه».
فتقدّموا جميعاً ، فصاروا أمام الحسين عليه السلام يقُونَهُ بِوُجُوهِهم ونُحُورِهم.
فحمل هانئ بن ثبيت (٣) الحَضرميّ على عَبْد الله بن عليّ ، فقتله.
ثمّ حمل على أخيه جعفر بن عليّ ، فقتله أيضاً.
ورمى يزيدُ الأصبحيّ عثمانَ بن عليّ بِسَهمٍ ، فقتله ، ثمّ خرج إليه فاحتزّ رأسه ، فأتى عُمَرَ بنَ سعدٍ ، فقال له : أثِبْنِي! فقال عمرُ : عليك بأميرك ـ يعني عُبَيْد الله بن زياد ـ فسَلْهُ انْ يُثِيبَكَ!
وبقي العَبّاس بن عليّ قائماً أمامَ الحسين يُقاتلُ دُونه ، ويميلُ معهُ
__________________
(١) راجع الروضة البهيّة شرح اللمعة الدمشقية ، ويلاحظ أنّ الأخ من الأبوين إنّما يحجب الإخوة غير الأشقاء فقط ، ولا يحجب غيرهم من الورثة ؛ كالأبوين والزوجة وغيرهما.
(٢) الإرشاد للشيخ المفيد (٢ / ١٠٩).
(٣) كذا الصواب وفي المصدر : ثويب.