ورامي العشيرة يُصيبهُ سهمُه ، ومَنْ أمحكهُ اللجاج أخرجه إلى البَغْيِ. أيّها الناسُ ، الحِلْمُ شَرفٌ ، والصَبْرُ ظَفَرٌ ، والمعروف كنزٌ ، والجودُ سُؤْددٌ ، والجهلُ سَفَهٌ والأيّامُ دَوَلٌ ، والدهرُ غِيَرٌ ، والمرءُ منسوبٌ إلى فعله ، ومأخوذٌ بعمله ، فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمدَ ، ودعوا الفضول تجانبكم السفهاءُ ، وأكرموا الجليس يعمرُ ناديكم ، وحاموا عن الخليط يرغب في جواركم ، وأنصفوا من أنفسكم يوثق بكم ، وعليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعةٌ ، وإيّاكم والأخلاق الدنيئة فإنّها تضعُ الشرفَ وتهدمُ المجدَ.
ألا! وإنّ نهنهة الجاهلِ أهونُ من جريرته ، ورأسُ العشيرة يحملُ أثقالها ، ومقام الحليم عظةٌ لمن انتفع به».
فقالت قريشٌ : رضينا بك ، يا أبا نَضلة ـ وهي كنيته ـ فانقلبوا إلى ما أمر به من شريف الأخلاق ، ونهى عنه من مساوئ الأفعال.
فهل صدرَ إلاّ عن غزارة فضلٍ وجلالة قدر وعُلُوّ همّة ، وما ذاك إلاّ لاصطفاءٍ يُراد ، وذكرٍ يُشاد ، لأنّ توالي ذلك في الآباء يوجبُ تناهيهِ في الأبْناءِ. (١).
__________________
أعلام النبوّة (ص ٢٨١ ـ ٢٨٢).