منازلهم إلى مَكّةَ ، وتملّكَ على قومه وأهل مَكَّةَ فملّكوهُ ، فكان أوّل بني كَعْبٍ أصابَ مُلكاً أطاعَ لهُ بهِ قومُهُ ، فكانتْ إليه الحجابةُ والسقايةُ والرفادةُ والندوةُ واللواءُ (١) ، فحاز شرفَ مكّةَ كلَّهُ ، فسمّتهُ قريشٌ «مُجَمِّعاً» لما جمعَ من أمرها ، وتيمّنت بأمره ، فما نُكِحَتِ امْرَأَةٌ ، ولا تزوّجَ رجلٌ من قريش ، ولا يَتشاورون في أمرٍ نزلَ بهم ، إلاّ في دارِهِ ، ولا تدّرع امرأةٌ من قريشٍ إلاّ في بيته ، ولا يخرجُ عِيْرٌ من قريشٍ فيرحلون إلاّ من داره ، ولا يُقدِمُ إلاّ نزلُوا دارَهُ ، فكان أمرُهُ في حياته وبعد موته كالدِيْنِ المُتّبَع لا يُعمل بِغيرِهِ ، واتّخذَ لنفسه دارَ النَدْوةَ ، قيل : كانَت في جهة الحِجْر والميزاب ، وجعل بابَها إلى مسجد الكعبة ، ففيها كانت قريشٌ تقضي أُمورها ، ولم يكن يدخُلها من قريشٍ من غير ولد قُصَيّ إلاّ ابن أربعين سنة (٢).
وهو ابن كِلاب :
واسمه «حُكَيْم» ويُكنّى «أبا زُهْرَةَ» (٣) وإنّما سُمّي «كِلاباً» لأنّه كان يُحِبّ الصَّيْدَ ، فجمع كِلاباً يصطاد بها ، وكانت إذا مرّتْ على قريشٍ قالوا : «هذه كِلابُ ابنِ مُرّة» يعنون «حكيماً» فَغَلَبَ عليه (٤).
قال اليعقوبيّ : شَرُفَ كلابٌ وجلَّ قدرُهُ ، واجتمعَ له شرفُ الأب ،
__________________
(١) لمعرفة هذه المناصب ، راجع الكامل لابن الأثير (٢ / ٢١ ـ ٢٣).
(٢) نقله عن ابن إسحاق وانظر الكامل لابن الأثير (٢ / ٢١) والاكتفاء (ص ١٧٥).
(٣) وإلى زهرة بن كلاب ينتهي نسب سيّدتنا آمنة بنت وهب والدة رسول الله صلى الله عليه وآله.
(٤) عمدة الطالب (ص ١١).