خصائص السور المكية والمدنية
ذكر الباحثون في علوم القرآن ، أن الطابع الذي تتميز به السور المكية ، هو الحديث عن أصول العقيدة والإيمان بالله ، بكل ما يستتبع ذلك من تفاصيل الصفات ، وآفاق العظمة الإلهية المتجلّية في عظمة خلقه .. وعن الإيمان والرسل والرسالات ، وما كان يواجههم من تحديات ، وما كانوا يستخدمونه من أساليب معجزة وغير معجزة .. وعن الإيمان باليوم الآخر وما يثيره من مشاعر وأفكار ، وما يتطلّبه من مواقف عملية في حياة الناس .. وما يثأر حوله من شبهات وإشكالات ..
وهكذا يتنوع الحديث في آفاق الفكر والعقيدة ، ليحدد للإنسان الضائع في متاهات الكفر والشرك والضلال ، المنهج الذي يقوده إلى التفكير المتّزن ، ويطوف به في آفاق الحق والخير والاستقامة ، ليكتشف من خلال ذلك الصراط المستقيم في الإيمان بالله وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر ، لأن ذلك يمثل التحدي الأهم الذي يواجه الإسلام في مرحلته الأولى. فكل الأسئلة التي أثيرت أمام الدين الجديد ، هي أسئلة حول مدلول التوحيد الفكري والعملي ، وحول صفات النبي التي كانت صورته التقليدية الراسخة في الأذهان صورة أسطورية خارقة القدرات ، وحول شخصية الملائكة وإمكانية المعاد الذي كان التفكير الجاهلي يستبعد فيه فكرة إعادة الناس إلى الحياة بعد موتهم.
أمّا السور المدنية ، فيقولون إن طابعها هو الحديث عن بعض تفاصيل العقيدة التي كان يثير أهل الكتاب حولها علامات الاستفهام ، وعن الشريعة بكل مفاهيمها وأحكامها ، وعن قصص الأنبياء السابقين والأمم السالفة .. وذلك ما كان يريده القرآن من تثبيت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وللمسلمين معه أمام ما يواجهونه من صعوبات المرحلة العنيفة في صراعهم مع الكفر والضلال ..