البحث عن الإيمان ، فنشعر أن حياتنا كلها تسير معنا ، بحيث نجد في كل مفردة من مفردات هذه الحياة حجة ودليلا وبرهانا على قضية الإيمان.
وربما كان من مهمة الموجّهين الداعين إلى الله ، أن يعمّقوا هذا الأسلوب في ذهنية الناس حتى تكون العقيدة شأنا حياتيا للإنسان ، لا مجرد حالة فكرية مجرّدة. وقد تكون هذه من خصوصيات القرآن الذي لا تجد فيه فاصلا بين خط الإيمان وحركة الكون والحياة .. فكما هي الحياة تمد الفكر والإيمان بكل جديد ، فكذلك الإيمان يمتزج بالحياة امتزاج الروح بالجسد.
* * *
دروس سورة الأنعام
وفي هذه السورة حديث مفصل عن الألوهية في ذات الله والعبودية في ذات الإنسان وما حوله ومن حوله ، فالله هو القادر والقاهر ، العليم بالغيوب والأسرار ، وهو مقلب القلوب والأبصار ، كما هو مقلّب الليل والنهار ... أما الإنسان ، فهو الذي لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرّا إلا بالله ، فهو عبد الله الذي انطلقت عبوديته من خلقه الذي لا بد من أن يربطه بتوحيد الله وبعلاقته به في موقف الفقر العبودي والحاجة المطلقة ، فلا معنى للشرك في العقيدة والطاعة وحركة الواقع ، لأن هؤلاء الشركاء لا يمثّلون شيئا في معنى القوة والقيمة حتى في وجودهم ، فكيف يمتدون في خارجه أمام الله الذي يملك الوجود كلّه بما فيه الوجود الإنساني ، ويحرك نظامهما معا في الاتجاه الذي يريده لهذا أو ذاك ، الأمر الذي يجعل قضية الشرك قضية لا معنى لها في حساب الفكر والوجدان والحياة.
وتتحرك السورة لتعرض لهؤلاء الغافلين في وعيهم الفكري وفي حسّهم الإنساني كيف أنكروا من دون أساس ، وكذبوا من دون حجة ، فإذا بهم مجرد فرق متناثرة لا تملك ثباتا وامتدادا في الوجود والحركة ، فهذه هي