بالأسلوب الفلسفي ، وذلك لتزاوج الجانب الفكري والجانب الشعوري والجانب العملي فيه ، بينما يقف الأسلوب الفلسفي عند الجانب العقلي المجرّد. وربما كان هدف ذلك هو أن تدخل العقيدة مشاعر الإنسان بالقوة نفسها التي تدخل بها عقله ..
ونلاحظ ذلك في طريقة القرآن في الاستدلال على اليوم الآخر ، في مواجهة الذين استبعدوه وأنكروه حيث نلتقي بالأسلوب العقلي الذي يعتمد على قياس الأشياء على أمثالها في عملية القدرة ، وذلك في قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس : ٧٨ ـ ٨٠] فقد استدل على إمكان البعث ، بعملية الخلق التي يؤمن بها المنكرون للمعاد ودعاهم إلى المقارنة بين حالة الإيجاد وحالة الإعادة ، ليجدوا أنها الأصعب ، لأنها تنطلق من غير مثال أو تجربة سابقة .. بينما تكون حالة الإعادة خاضعة للنموذج الموجود في الحياة ، ومن البديهيِّ أن يكون القادر على الأصعب قادرا على الأسهل.
ونلتقي بالأسلوب العاطفي في قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج : ٥].
فقد أرادت الآية تقريب صورة إعادة الحياة إلى الأموات بالصورة المألوفة للإنسان مع مجيء الربيع في اهتزاز الأرض بالخضرة بعد نزول الماء عليها ، وانفتاحها بكل زوج بهيج من النباتات المتنوعة في الصورة والخصائص ، ليعيش الفكرة في شعوره العضوي الذي يلتقي بالخط الفكري للبعث من خلال النبضات الحسية والشعورية في روحه وفي قلبه ، فيرتاح للفكرة ، كما يرتاح للصورة التي يتحرك فيها الربيع .. وهكذا سنجد في سورة الأنعام ـ كما وجدنا في ما قرأناه من سور سابقة ـ أننا نسير في رحلة