وأمّا ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) فقد حدّ التوكيد بأنّه : «تابع يقرّرُ أمرَ المتبوع في النسبة أو الشمول» (١).
«والتقرير ههنا : أن يكون مفهوم التأكيد ومؤدّاه ثابتاً في المتبوع ، ويكون لفظ المتبوع يدلّ عليه صريحاً ، كما كان معنى (نفسـه) ثابتاً في قولك : جاءَني زيدٌ نفسه ؛ إذ يفهم من زيدٍ نفس زيد ... ثمّ إنّ التأكيد يقرّرُ ذلك الأمرَ ، أي : يجعله مستقرّاً متحقّقاً بحيث لا يظنّ به غيره» (٢).
وقد «أخرج المصنّف الصفة والعطف والبدل عن حدّ التأكيد بقوله : «يقرّرُ أمرَ المتبوع» ، أمّا البدل والعطف فظاهر خروجهما به وأمّا الصفة ؛ فلأنّ وضعها للدلالة على معنىً في متبوعها وإفادتها توضيح متبوعها في بعض المواضع ليست بالوضع ، وأمّا عطف البيان فهو لتوضيح متبوعه ، فهو يقرّرُ أمرَ المتبوع ويحقّقه لكن لا في النسبة والشمول» (٣).
وظاهر كلام ابن الحاجب أنّه يريد بهذا الحدّ التوكيد بكلا نوعيه اللفظي والمعنوي ؛ ذلك أنّه طرح هذا الحدّ في الكافـية ثمّ عقّبه بتقسيم التوكيد إلى لفظي ومعنوي ، وكذلك صنع في الوافـية وهي أُرجوزته التي نظـم بها الكافـية ؛ إذ قال :
تأكيدُهم متبوعه قـد قرّرا |
|
في نسبة أو في شمـولٍ حصرا |
إن كُرّرَ اللفظ فقُلْ : لفظيُّ |
|
وغيـر تكـريـرٍ فمعنــويُّ |
وعلى هذا جرى كلّ من الرضيّ والجامي في شرحهما للكافية ،
___________
(١) أ ـ شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : ٢٦٤.
ب ـ شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٢ / ٣٥٧.
ج ـ الفوائد الضيائية ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ٢ / ٥٦.
(٢) شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٥٧.
(٣) الفوائد الضيائيّة ٢ / ٥٧.