فأشارا إلى أنّ تأكيد النسبة ، أي : تقرير كون المتبوع منسوباً أو منسوباً إليه ، يتمّ أمّا بإعادة لفظه أو بالنفس والعين ، وأمّا تأكيد الشمول وتقرير ما يتعلّق بالمتبوع من إتّصافه بكون ما نسب إليه شاملاً لجميع أجزائه وأفراده ؛ فإنّه يتمّ باستعمال كلّ وجميع وأخواتهما (١).
وممّن تابع ابن الحاجب على حـدّه المذكور ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) (٢) …ف وجمال الدين الفاكهي (ت ٢٧٩ هـ) (٣) ، إلاّ أنّهما خصّاه بالتوكيد المعنوي.
وأمّا ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) فإنّه قسّم التوكيد أوّلاً إلى معنوي ولفظي ، وطرح حدّين للتوكيد المعنوي :
* أوّلهما : أنّه «تابع يعتضد به كون المتبوع على ظاهره ؛ فإنّ ذكر (النفس) في قولك : (قَتلَ الأميرُ نفسُـه كافراً) يرفع احتمال كون القتل بالأمر لا بالمباشرة ، وإذا ارتفع احتمال التأويل اعتضد الظهور ، وكذا ذكر كلّهم في قولك : (جاء بنو فلانٍ كلُّهم) يرفع احتمال وضع العام في موضع الخاصّ» (٤).
وقد تابعه على هذا الحدّ كلّ من السيوطي (ت ٩١١ هـ) (٥) والفاكهي (٦) ، إلاّ أنّ هذا الأخير جعله شاملاً لكلّ من التوكيد اللفظي
___________
(١) أ ـ شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩.
ب ـ الفوائد الضيائيّة ٢ / ٥٦.
(٢) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد : ٤٢٨.
(٣) شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمّـد الطيّب الابراهيم : ١٨١.
(٤) شرح الكافية الشافية ، ابن مالك ، تحقيق عبـد المنعم هريدي ٣ / ١١٦٩ ـ ١١٧٠.
(٥) البهجة المرضيّة ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق مصطفى الدشتي ٢ / ٥٩.
(٦) شرح الحدود النحوية ، الفاكهي : ١٨١.