والذي يفصله لك من البدل شيئان :
أحدهما : قول المرّار : أنا ابنُ التاركِ البكريّ بشرٍ ... لأنّ بشراً لو جُعل بدلاً من البكريّ ، والبدلُ في حكم تكرير العامل ، لكان التارك في التقدير داخلاً على بشرٍ (١).
والثاني : إنّ الأوّل ها هنا هو ما يعتمد بالحديث ، وورد الثاني من أجلِ أن يوضّح أمره ، والبدل على خلاف ذلكرحمه الله إذ هو ... المعتمد بالحديث والأوّل كالبساط لذِكره» (٢).
ويلاحظ أنّ الحاجة إلى هذا التعقيب الخارج عن مضمون الحدّ ، لبيان وجه الفرق بين عطف البيان وبين البدل ، تكشف عن قصور الحدّ وأنّه ليس مانعاً من دخول الأغيار.
وحدّه المطرّزي (ت ٦١٠ هـ) بنفس مضمون حدّ الزمخشري ، فقال : إنّه «اسم غير صـفة يجري مجرى التفسير» (٣).
وحدّه ابن معطي (ت ٦٢٨ هـ) بقوله : «هو اسم يفسّـره اسم كما يفسّـره النعتُ ، إلاّ إنّه ليس مشتقّاً ولا في حكم المشتقّ ، فأشبه البدل ، والفرق بينهما أنّه لا ينوي فيه إحلال الثاني محلّ الأوّل» (٤).
ويلاحظ أنّ عبارتـه وإن أعطت صورة عن عطف البيان ، إلاّ إنّها ليست حدّاً لـه بمعناه المصـدري ، ولا بوصـفه لفظاً تابعاً ، وكان المناسب أن يقول : (هو اسم يفسّـرُ اسماً) ليكون حدّاً لعطف البيان بوصفه أحد
___________
(١) وهو غير جائز ؛ لأنّ اسم الفاعل بالألف واللام لا يضاف إلاّ لِما فيه الألف واللام.
(٢) المفصّل في علم العربيّة ، الزمخشري : ١٢٢ ـ ١٢٣.
(٣) المصباح في علم النحو ، المطرّزي ، تحقيق ياسين محمود الخطيب : ١٠٩.
(٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ٢٣٦.