وقال الرضيّ في بحث البدل : «وأنا إلى الآنَ لم يظهر لي فرق جليّ بيـن بـدل الكلّ مـن الكـلّ ، وبيـن عطف البـيان ، بل لا أرى عطـف البيان إلاّ البدل ، كما هو ظاهر كلامِ سيبويه ؛ فإنّه لم يذكر عطف البيان» (١).
أقـول :
تقدّم في بداية البحث أنّ سيبويه ذكر (عطف البيان) عنواناً للمعنى الاصطلاحي ، وعبّر عنه أيضاً بالعطف والصفةِ والبدل ، وهذا يكشف عن أنّ المعنى الاصطلاحي لم يستقرّ له عنوان محدّد حتّى ذلك الوقت ، وعليه فلا يكون تعبيره بعنوان البدل ظاهراً في أنّه يرى عطف البيان هو البدل الاصطلاحي ، كما أنّ تعبيره بعنوان الصفة لا يكون ظاهراً في أنّ عطف البيان هو النعتُ اصطلاحاً.
هـذا ، وتحسـن الإشارة إلى أنّ ابـن الحاجب نفسـه كان قد التفت إلى أنّه في بعضِ الموارد يمكن أن يعرب التابع عطفَ بيان وبدلاً أيضاً ، وأرجـع ذلك إلى اختلاف القصد ، قال : «فإن قلتَ : جاءني زيدٌ أبو عمرٍو ، فقـد أوضـحتَ زيداً بأبي عمرٍو ... [فإذا] قصدت إيضاح الأوّل بالثاني ، فهـو عطـف بـيان لا بـدل ، والأوّل هو المقصـود ، وإن قصـدت أنّ الثاني هـو المقصـود بالنسـبة ، والأوّل كالتوطـئةِ لـه ، كان بدلاً لا موضّحاً للأوّل» (٢).
وحدّه ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) بأنّه : «جريان اسم جامدٍ معرفة على اسم دونه في الشهرة أو مثله ، يبيّنه كما يبيّنه النعت ، ولا يشترط فيه أن
___________
(١) شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٧٩.
(٢) شرح الوافية نظم الكافية : ٢٧٠ ـ ٢٧١.