وأمّا الجهة الثانية :
فإنّه ممّن ناصب العداوة للإمام عليّ عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام ..
فقد حكى العزّ ابن الأثير في تاريخه ـ في سيرة المعتصم العبّـاسي ـ : أنّه كان ينال من العلويّين ومن جدّهم عليّ عليه السلام ؛ فأجمعوا على قتله ، فهرب منهم إلى عمّه مصعب بن عبـدالله بن مصعب ، فسأله أن يكلّم المعتصـم في تأمينه ، فلم يجد عنده ما أراد ؛ إذ لم يكن عمّه على رأيه من مكاشفة العلويّين.
وكأنّه قد ورث العداوة والبغضاء لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جدّه وأبـيه ..
فقد كان أبوه «بكّار» من المكاشفين للإمام الرضا عليه السلام في النصب والعداوة ، فدعا عليه الرضا عليه السلام فسقط من قصره فاندقّ عنقه (١).
وجدّه «عبـدالله بن مصعب» هو الذي أفتى هارونَ بقتل يحيى بن عبـدالله بن الحسن ، قال : اقتله يا أمير المؤمنين وفي عنقي دمه.
فقال الرشيد : إنّ عنده صكّـاً منّي أعطيته فيه الأمان!
فقال عبـدالله بن مصعب : لا أمان له يا أمير المؤمنين .. وعمد إلى يحيى وانتزع الصكّ منه قهراً ومزّقه بيده ..
عداوةً ورثوها عن جدّهم ، ورثها عدوٌّ عن عدوٍّ ، من عبـدالله بن الزبير حتّى انتهت إلى الزبير بن بكّار ، كما قال الإمام ابن شرف الدين العاملي رحمه الله ورضي عنه وأرضاه (٢).
___________
(١) أبو هريرة : ١٢٢.
(٢) انظر : هامش كتاب أبو هريرة : ١٢٣.