ومن توغّل في مناصبة آل الرسول عليهم الصلاة والسلام لا يستبعد مـنه أن يصـرف مناقبـهم عنهم ويعزوها إلى غيرهـم ، أو ينفيها من رأسٍ ، أو يضع لأعداء الله ورسوله ما يعارضها ويناقضها.
وابن بكّار متّهم في نقله هذا ؛ إذ إنّ ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة أمر اختصّه به ربّ البيت جلّ وعلا ، فكيف يطيق الزبير ـ وأضرابه ـ الصبر على ذلك ، ويدع تلك الخصيصة بكراً لم تمسّها يد خيانة وإثم ، بل ديدن أُولئك النواصب ـ والعياذ بالله ـ السعي في إطفاء نور الله تعالى ، (ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نورَه ولو كره الكافرون) (١) ..
فلا ينثنون عن الاجتهاد في صَرف المناقب والفضائل عن أهلها إلى من ليس أهلاً لها ممّن انكشف أمره وظهرت سريرته.
وحسبُك تصديقاً لذلك ما أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ، قال : حدّثنا عبـد الرزّاق ، قال : أنا معمر ، قال : سألت الزهري : مَن كان يكتب الكتاب يوم الحديبية؟
فضحك وقال : هو عليّ ، ولو سألت هؤلاء ـ يعني بني أُميّة ـ قالوا : عثمان (٢).
وقد عمد كَذَبَتُهم إلى معارضة الأحاديث الواردة في فضل عليٍّ وأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فوضعوا لأعدائِهم مثلها ، وكالوا لهم بمكيال الجزاف ما كالوا ـ كما لا يخفى على من ألمَّ بطرف من أحاديث الفضائل وسبر غورها ـ امتثالاً لأمر معاوية ـ ابن آكلة الأكباد ، اللعين ابن
___________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٢.
(٢) فضائل الصحابة ٢ / ٩١ ، طبعة مكّة المكرّمة.