أرسل دعوىً شبه الريح ، إلاّ إنّه أفصح بقوله : «ولم يولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد» عمّا كمن في نفسه ، وانطوت عليه سريرته من نفي هذه الخصيصة الشريفة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، سعياً في قلب الحقائق وإطفاءً لنور الله.
وبهذا ونظائره يتقرّر لديك صحّة ما أسلفناه في شأن آل الزبير وأضرابهم بالنسبة إلى مناقب آل البيت الكرام ، عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وفضائلهم التي ملأت الخافقين.
وجُلّ أحاديث ولادة حكيم بن حزام في البيت الحرام ينتهي إسنادها إلى شقيّ من أشقياء آل الزبير ، أخذ ذلك بعضهم عن بعض.
وأبو عبـدالله الحاكم وإن لم يردّ دعوى مصعبٍ وغيره ولادةَ ابن حزام في البيت العتيق هنا صريحاً ، إلاّ إنّه صرّح بنفيها في ما أخرجه الإمام الحافظ أبو عبـدالله محمّـد بن يوسف بن محمّـد الكنجي في كتابه كفاية الطالب ..
قال : أخبرنا الحافظ أبو عبـدالله محمّـد بن محمود النجّار ، بقراءتي عليه ببغداد ، قلت له : قرأت على الصفّار بنيسابور ، أخبرتني عمّتي عائشة ، أخبرنا ابن الشيرازي ، أخبرنا الحاكم أبو عبـدالله محمّـد بن عبـدالله الحافظ النيسابوري ، قال : وُلد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بمكّة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجبٍ سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراماً له بذلك وإجلالاً لمحلّه في التعظيم (١).
___________
(١) كفاية الطالب : ٤٠٧.