والواقع إنّ هذا العالِم كان استمراراً لحركة القافلة الكبيرة لعلماء الشيعة الّذين تعهّدوا قيادة الطائفةـالتي كانت تشكّل غالبية سكّان مدينة حلب ـ منذ أواخر القرن الثالث وحتّى القرنين السادس والسابع الهجري في هذه المدينة الكبيرة.
ولعلّ النقطة البديعة التي يمكن أن تبيـن مكانته كعالم شيعي كبير وشعبي في هذه المدينة ، هي ما ذكره ابن شـدادـالمتوفّى سنة ٦٨٤ هـ : من بين مساجد حلب ، يوجد مسجد باسم مسجد منتجب الدين يحيى بن أبي طيّ ، الشهير بابن النجّـار (١).
إنّ انتماء هذا العالِم إلى التشـيع والإمامية ظاهر للعيان بكلّ وضوح ؛ فقد نشأ وتربّى على يد عالم شيعي بارز ، هو ابن شهرآشوب المازندراني ، الذي كان زوجاً لابنة عمّـته ، كما أنّ بعض مصنّفاته ترتبط ـ بشكل ما ـ بالثقافة الشيعيّة ، مثل :
المجالس الأربعين في مناقب الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
شرح نهج البلاغة «في سـتّة مجلّدات».
أخبار شعراء الشيعة.
تضوّع اللطائم في شرح خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام.
ذخر البشر في معرفة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام.
ولعلّ أبرز من كتب عن أحوال ابن أبي طيّ في المصادر الحديثة هو كلود كاهن ؛ إذ كتب المدخل إلى حياة ابن أبي طيّ في دائرة المعارف الإسلامية «النسخة المصحّحة الثانية» التي هي مختصرة جدّاً (٢) ..
____________
(١) الأعلاق الخطيرة في ذكر أُمراء الشام والجزيرة ١ ـ ق ١ ـ / ٦٤.
(٢) Encyclopaedia of Islam, Vol. ٣. P ٦٩٣.