المشهد (١) ذر ، ونراه مناسباً هنا أن ننقل النصّ الوارد عن ابن أبي طيّ بهذا الخصوص ؛ إذ أنّ الهدف الأساسي لهذا المقال هو استقصاء وجمع النصوص الواردة عن ابن أبي طيّ ، المحفوظة في أماكن متفرّقة ..
قال ابن أبي طيّ في تاريخه : «وفي هذه السنة ـ يعني : سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ـ ظهر مشهد الدكّة ، وكان سبب ظهوره أنّ سيف الدولة علي بن حمدان كان في أحد مناظره بداره التي ظاهر المدينة ، فرأى نوراً ينزل على المكان الذي فيه المشهد عدّة مرّات ، فلمّا أصبح ركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره ، فوجد حجراً عليه كتابة : هذا قبر المحسن بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، فجمع سيف الدولة العلويّـين وسألهم : هل كان للحسين ولد اسمه المحسن؟
فقال بعضهم : ما بلغنا ذلك ، وإنّما بلغنا إنّ فاطمة عليها السلام كانت حاملاً ، فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : في بطنك محسن ، فلمّا كان يوم البيعة هجموا عليها في بيتها لاِخراج علي عليه السلام ، فأخدجت.
وقال بعضهم : يحتمل أنّ سبي نساء الحسين لمّا وردوا هذا المكان طرح بعض نسائه هذا الولد ، فإنّا نروي عن آبائنا إنّ هذا المكان سمّي بجوشن ؛ لأنّ شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالسبي والرؤوس ، وإنّه كان يعمل فيه الصفر ، وإنّ أهل المعدن فرحوا بالسبي ، فدعت عليهم زينب بنت الحسين ، ففسد المعدن من يومئذٍ.
وقال بعضهم : إنّ هذه الكتابة التي على الحجر قديمة ، وأثر هذا المكان قديم ، وإنّ هذا الطِرح الذي زعموا لم يفسد ، وبقاؤه دليل على إنّه
____________
(١) للنظر إلى حلبة السباق ؛ فإنّها تجري بين يديه في ذلك الوطاء الذي فيه المشهد.