قطّ قد قُتل وُلدُه وأهلُ بيتِه وصحبُه أربطَ جأشاً منه» (١).
ولمّا قضـى للعُـلا حقَّها |
|
وشـيـد بالسـيفِ بُنيانَها |
ترجَّلَ للموتِ عن سابـح |
|
لـه أخْلَتِ الخيلُ مَيدانَها |
* * *
غريباً أرى يا غريبَ الطُّفوفِ |
|
توسُّدَ خَدِّكَ كُثبانَها |
وقـتْلَكَ صبراً بأيْدٍ أبوكَ |
|
ثَنـاهـا وكَـسّرَ أوثانَهـا |
وليت شعري مَن ذا الذي اجترأ وقال قبل هذا الكاتب : «إنّ جيش يزيد هزم الحسـين»؟!
من أين هزمه؟! وإلى أين هزمه؟!! ..
ولعمري إنّ قتل الحسـين عليه السلام ، وانتهاك حرمة الرسول والاِسلام بقتله ، قد هزّ بناء الاِسلام هزّاً عنيفاً ، ولكنّه رفع الخداع ، وأماط الستار عن الحقيقة ، ومحّص الاَمر ، وأزال التمويه ، وبصّر المرتاب ، ونـبه الغافل ، وأثار أهل الدين ، فانجلى بذلك غياهب كانت متراكمة ، وفتح للرشد أبواباً كانت موصـدة!
فإن لم يكن الحسين قد فتح بانتصاره ، فقد فتح باب الهدى بقتله ، وأزال عن الدين معاثر التدليس ، وكان من نتائج ذلك أن ثار الناس للتحرّر من الاستبداد القاسي ، وطرح ذلك النير الجائر عن أعناق الاَُمّة المسكينة.
____________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٤ حوادث سنة ٦١ هـ، مقتل الحسينـللخوارمي ـ ٢ / ٤٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ١٥٢ ـ ١٥٣ مادّة «كثر» وفيه :
«ومنه حديث مقتل الحسين رضي الله عنه : (ما رأينا مكثوراً أجرأ مقدماً منه) .. المكثور : المغلوب ، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه ، أي ما رأينا مقهوراً أجرأ إقداماً منه».