بالرفض فإنّ غالبهم كاذب ولا يتورّع في الأخبار ، والأصل فيه أنّ الناصبة اعتقدوا أنّ عليّـا رضي الله عنه قتل عثمان أو كان عليه ، فكان بغضهم له ديانةً بزعمهم. ثمّ انضاف إلى ذلك أنّ منهم من قتلت أقاربه في حروب عليّ» (١).
في حين أنّ المناوي ـ مثلاً ـ ينقل في شرح الجامع الصغير إجماع فقهاء الحجاز والعـراق من أهل الحديث والرأي ، منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي ، وعن الجمهور الأعظم من المتكلّمين والمسلمين أنّ عليّـا مصيب في قتاله لأهل صِفّين كما هو مصيب في قتاله أهل الجمل ، وأن الّذين قاتلوه بغاة ظالمون له (٢).
بل العجيب أنّ بعض الأعلام منهم قال : «كان عمّار بن ياسر فاسقاً»!! وقائل هذا الكلام من رجال أبي داود ، وقد وثّقه أبو زرعـة ، وذكره ابن حبّان في الثقات (٣) ، وقال ابن حجر : «صدوق يخطئ» (٤).
ومن العجيب أيضاً أن القوم أخرجوا في صحاحهم عمّن كان يستغفر للحجّاج بن يوسف الثقفي!! فقد ذكروا بترجمة عبـ دالله بن عون ـ من رجال الصحاح الستّة ـ : «قال معاذ بن معاذ : ما رأيت رجلاً أعظم رجاءً لأهل الإسلام من ابن عون ، لقد ذُكر عنده الحجّاج وأنا شاهد ، فقيل : يزعمون أنّك تستغفر له؟! فقال : ما لي لا أستغفر للحجّاج من بين الناس ،
____________
(١) تهذيب التهذيب ، وانتقده بالتفصيل صاحب كتاب العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل فأفاد وأجاد جزاه الله خيراً.
(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٣٦٦.
(٣) تهذيب التهذيب ٥ / ١٥٥.
(٤) تقريب التهذيب ١ / ٤٠٧.