للدلالة على المعنى الأخير ؛ محاولين التفريق بين المصطلحين من أجل التغطية على حال من اتّصف بحقيقة التشيّع ممّن ذكرناهم وغيرهم ..
إنّه مصطلح حادث وضـعوه للطعن في الرواة وردّ أحاديثهم ، وقد نصّ على ذلك ابن تيميّة بعد أن حكى السبّ والشتم للشيعة عن الشعبي وغيره ، فقال : «لكن لفظ (الرافضة) إنّما ظهر لمّا رفضوا زيد بن علي بن الحسين ، في خلافة هشام ، وقصّة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين ومائة ... والشعبي توفّي سنة خمس ومائة أو قريباً من ذلك ، فلم يكن لفظ الرافضة معروفاً آنذاك ، وبهذا وغيره يعرف كذب لفظ الأحاديث المرفوعـة التي فيها لفظ الرافضـة ، ولكنْ كانوا يسمّون بغير ذلك الاسم ...» (١).
ولك ـ نّهم اختل ـ فوا فـي هذا اللفظ أيضـا ، مفـهومـا ومصداقـا ، فعـن عبـد العزيز بن أبي روّاد ـ وهو من رجال البخاري في التعاليق والأربعة ـ وقد سُئل مَنْ الرافضي؟! قال : «مَن كره أحداً من أصحاب محمّـد» ، ووافقه على ذلك مَن حضر من العلماء (٢).
وعن الدارقطني : أنّ أوّل عقد يحلُّ في الرفض تفضيل عثمان على عليّ (٣).
واعترضه الذهبي قائلاً : «ليس تفضيل عليٍّ برفضٍ ولا هو ببدعة ، بل ذهب إليه خلقٌ من الصحابة والتابعين ... ومن أبغض الشيخين واعتقد
____________
(١) منهاج السُـنّة ١ / ٣٥ ـ ٣٦ ، وقد عرفت أنّ واقـع الرفض قديم ، وأنّهم يصفون بعض الصحابة بالتشيّع وبالرفض ، فكان معناهما في الحقيقة واحداً ، وهو القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بلا فصل.
(٢) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٠٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٥٧.