وأمّا ابن حجر ، فهو يقول بالترادف بين «الرافضي» وبين «الشيعي الغالي» ، والمقصود منهما من قدّم عليّاً على أبي بكر وعمر ، قال : «فإنْ انضاف إلى ذلك السبّ أو التصريح بالبغض فغالٍ في الرفض» (١).
هـذا ما أردنا ذكره في هذا الفصل باختصار ، ويتلخّص في أُمور :
الأوّل : إنّ القوم ليس عندهم علماء يقفون عند آرائهم في الجرح والتعديل ، بحيث يكون القول الفصل والميزان العدل في هذا الباب.
والثاني : إنّ القوم ليس عندهم قواعد متقنة يرجعون إليها ، وضوابط محكمة يعتمدون عليها في هذا الباب.
والثالث : إنّ القوم ليس عندهم مصطلحات محدّدة ثابتة متفّق عليها بينهم ، مفهوماً ومصداقاً.
والرابع : إنّ القوم في أكثر أقوالهم في الجرح والتعديل يتّبعون الهوى والعصـبية ، وكيف يجوز الأخذ بآراء مَن هذا حاله؟!
والخامس : إنّ «التشيّع» بالمعنى الصحيح هو «الرفض» لخلافة من تقدّم على عليٍّ عليه السلام ، ولذا وصف مثل أبي الطفيل الصحابي بكلا الوصفين ، وكذا كثيرٌ من التابعين والأئمّة الأعلام في مختلف القرون.
حكم الرواية عن الرافضي والشيعي :
وقد اختلفوا في حكم الرواية عن «الرافضي» و«الشيعي» على أثر اختلافهم في العنوانَين مفهوماً وحكماً .. وتحيّروا في ذلك بشدّة ؛ لكثرة الرواة الشيعة من جهةٍ ، ولاعتراف القوم بعدالتهم وأمانتهم وضبطهم في
____________
(١) مقدّمة فتح الباري : ٤٦٠.