النقل من جهةٍ أُخرى ، ولوجود عدد غير قليل منهم في الصحاح وغيرها من الكتب من جهة ثالثة.
فذهب بعضهم إلى جرح الراوي وردّ روايته ، لا لشيء ، إلاّ لتشيّعه (١) :
ففي ترجمة «ثوير بن أبي فاختة» بعد ذكر تكلّم بعضهم فيه : «قال الحاكم في المستدرك : لم ينقم عليه إلاّ التشيّع» (٢).
وفي ترجمة «عبـيدالله بن موسى» عن أحمد بن حنبل : «إنّه تركه لتشيّعه» (٣).
وفي ترجمة «علي بن غراب» قال الخطيب : «أظنّه طعن فيه لأجل مذهبه فإنّه كان يتشيّع» (٤).
وفي ترجمة «فطر بن خليفة» عن العجلي : «كان فيه تشيّع قليل» وعن ابن عيّـاش : «تركت الرواية عنه لسوء مذهبه» (٥).
____________
(١) ولا نذكر آراء الجوزجاني ؛ لأنّه كان ناصبيّاً ، لا يعتبـرون بتجـريحاته للشيعة ، ثمّ لا عجب من أنْ يتكلّموا في الراوي لأجل تشيّعه ، فإنّ في القوم من تكلّم في أئمّة العترة الطاهرة بكلّ جرأةٍ ووقاحةٍ حتّى انتقده بعض علمائهم ، كقول ابن سعدٍ صاحب الطبقات في الإمام الصادق عليه السلام : «كان كثير الحديث ، ولا يحتّج به ، ويستضعف. سئل مرّةً : هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال : نعم. وسئل مرّةً فقال : إنّما وجدتها في كتبه» ، فاعترضه ابن حجر قائلاً : «يحتمل أنْ يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة ، فذكر في ما سمعه أنّه سمعه ، وفي ما لم يسمعه أنّه وجده ، وهذا يدلّ على تثبّـته». تهذيب التهذيب ٢ / ١٠٤.
قلت : فإنْ كان ابن سعد لا يفهم هذا فما أجهله ، وإنْ كان يفهمه فما أسوء حاله! وعلى كلّ حالٍ فليس لقوله أيّ اعتبار.
(٢) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٣.
(٣) تهذيب التهذيب ٧ / ٤٨.
(٤) تاريخ بغداد ١٢ / ٤٥.
(٥) مقدّمة فتح الباري : ٤٣٤.