بل أقول : بأنّ ذلك كان أحد الأساليب للاِعلان عن العقيدة ؛ لأنّ التكلّم في معاوية ينتهي إلى التكلّم في عمر فأبي بكر ..
ولذا قال الذهـبي في «يحيى بن عبـد الحميد الحماني» ـ بعد قول ابن عدي : لا بأس به ـ : «قلت : إلاّ أنّه شيعي بغيض ، قال زياد بن أيوب : سمعت يحيى الحماني يقول : كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد : كذب عدوّ الله» (١) ..
ولذا مزّقوا ما كتبوا عمّن روى مثالب معاوية (٢).
ولعلّ هذا الذي ذكرناه هو مرادهم من قولهم بترجمة بعض الأعلام : «فيه تشيّع يفضي به إلى الرفض» (٣).
وكيف يكون المحدِّث ابن أبي دارم الكوفي «مستقيم الأمر عامّة دهره» «ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب»؟!
إنّ معنى استقامة أمر الرجل أنْ يكون ثقةً صدوقاً في نقله ، وكذلك
____________
تصحيحه على شرط البخاري ومسلم حديث الطير ونحوه من الأحاديث المعتبرة الدالّة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، أو لمجرّد انحرافه عن معاوية وتكلّمه فيه بصراحةٍ ووضوح ..
ولكنْ إذا ثبت قول ابن طاهر فيه : «كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة» ، وأنّه كان يقول : إنّ عليّـا وصيّ ، ـ ولهذه الأُمور وغيرها وصفه بعضهم بـ : «رافضي خبيث» ـ ؛ كان من القائلين بإمامة مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وعلى هذا الأساس أورده السـيد رحمه الله في المائة ، والله العالم.
راجع : ترجمة الحاكم في ميزان الاعتدال ٣ / ٦٠٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٢ ، ولسان الميزان ٥ / ٢٣٦ الطبعة الحديثة ، والطبقات ـ للسبكي ـ ٤ / ١٥٥ ، وغيرها.
(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٣٩٢.
(٢) انظر مثلاً : ميزان الاعتدال ١ / ٢٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ٥٠٧ ، ترجمة ابن السمسار الدمشقي.