الله لغنيٌّ حميد) (١).
ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة منّي بالخذلان الذي خامر صدوركم ، واستشعرته قلوبكم ، ولكن قلته فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثّة الصدر ، ومعذرة الحجّة ، فدونكموها فاحتقبوها ، مدبرة الظهر ، ناكبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ، موصولة بـ (نار الله الموقدة * التي تطّلع على الأفئدة) (٢) ، فبعين الله ما تفعلون .. (وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون) (٣) ، وأنا ابنة (نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد) (٤) فـ (اعملوا على مكانتكم إن منتـظرون) (٥).
ثمّ إنّها عليها السلام تشير في استنهاضها الأنصار إلى بيعتهم ، بيعة العقبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حين عاهدوه على أن يمنعوه وذرّيّته ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم.
وكانت تقول عندما دار بها عليٌّ عليه السلام على أتان والحسـنين عليهما السلام معها على بيوت المهاجرين والأنصار : يا معشر المهاجرين والأنصار! انصروا الله فإنّي ابنة نبيّكم وقد بايعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بايعتموه أن تمنعوه وذرّيّته ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ، فَفُوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيعتكم (٦).
____________
(١) سورة إبراهيم ١٤ : ٨.
(٢) سورة الهُمَزة ١٠٤ : ٦ و ٧.
(٣) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.
(٤) سورة سبأ ٣٤ : ٤٦.
(٥) سورة هود ١١ : ١٢١ و ١٢٢.
(٦) الاختصاص ـ للشيخ المفـيد ـ: ١٨٣ ـ ١٨٥ ، وانظـر : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبـي الحديد ـ ١٦ / ٢١٠ ـ ٢١٣ ، الاحتجاج ١ / ٢٠٦ وص ٢٠٩ ، الغدير ـ للأميني ـ ٧ / ١٩٢ ؛ وذكر جملة من المصادر.