وقالت عليها السلام عندما اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! كيف أصبحت عن علّتك؟
فقالت عليها السلام : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد أن عجمتهم ، وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحاً لفلول الحدّ ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و (لبئس ما قدّمت لهم أنفسهُم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) (١) ، لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها ، وشنت عليهم عارها ، فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين.
ويحهم! أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة ، ومهبط الوحي الأمين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزّ وجلّ.
والله لو تكافأوا عن زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه لاعتلقه ، ولسار بهم سيراً سجحاً ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطاناً ، قد تحرّى بهم الريّ غير متحلٍّ منه بطائل إلاّ بغمر الماء وردعه شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون .. (والّذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئاتُ ما كسبوا وما هم بمعجزين) (٢).
ألا هلمّ فاستمع! وما عشت أراك الدهر عجباً! وإنْ تعجب فعجب
____________
أبي الحديد ـ ١٦ / ٢١٠ ـ ٢١٣ ، الأحتجاج ١ / ٢٠٦ وص ٢٠٩ ، الغدير ـ للأميني ـ ٧ / ١٩٢ ، وذكر جملة من المصادر.
(١) سورة المائدة ٥ : ٨٠.
(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٥١.