وهذا عين ما تقدّم استفادتُه من الآيات العديدة ، والروايات النبويّة التي رواها أهل سـنة الجماعة ، نظير روايات العرض على الحوض من أنّ بعض الصحابة يُزوَون عنه إلى جهنّم فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : ربّ أصحابي! فيجاب : إنّهم بدّلوا بعدك وأحدثوا ، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : بُعداً بُعداً سُحقاً سُحقاً.
وروى ابن قتيبة الدينوري في كتابه الإمامة والسياسة : «أنّ عليّـا عليه السلام خرج يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به ، فيقول عليٌّ كرّم الله وجهه : أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيته لم أدفنه وأخرج أُنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.
وروى ـ بعدما ذكر هجوم عمر وجماعته على بيت فاطمة لاِخراج عليّ عليه السلام للبيعة ـ أنّ عمر قال لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّـا فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسـلّما عليها ، فلم تردّ عليهما السلام ..
فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسـول الله! والله إنّ قرابة رسول الله أحـب إليّ من قرابتي ، وإنّكِ لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشـرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله؟! إلاّ أنّي سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا نورث ما تركناه ، فهو صدقة.
فقالت : أرأيتكما إنْ حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعرفانه