فذوقوا وبال أمركم ، وما فرطتم في ما قدّمت أيديكم ، وما الله بظلاّم للعبـيد ، رويداً عمـا قليل تحصـدون جمـيع مـا زرعـتم ، وتجـدون وخـيم ما اجترمـتم وما اجتلبـتم.
فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لقد علمتم أنّي صاحبكم والذي به أُمرتـم ، وأنّي عالم ـ كم والذي بعلمه نجاتكم ، ووصيّ نبيّكم صلى الله عليه وآله وسلم ، وخيرة ربّكم ، ولسان نوركم ، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وُعدتم وما نزل بالأُمم قبلكم ، وسيسألكم الله عزّ وجلّ عن أئمّتكم ، فمعهم تحشرون ، وإلى الله عزّ وجلّ غداً تصيرون ، (وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون) ...» (١).
ويشير عليه السلام إلى ما يشـير إليه قوله تعالى : (وما محمّـد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) فقد تركوا وصية القرآن والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في عليّ عليه السلام ـ وعترته عليهم السلام ـ ، من أنّه وليّ الأُمور من بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّه مفزع الأُمّة وملجأُها.
وقد أشارت فاطمة الزهراء عليها السلام إلى ذلك أيضاً كما تقدّم ، وأنّ سبب الاختلاف والفِرَق الحادثة في المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو تركهم التمسّك بالثقلين اللذين هما ضمان عصمتهم من الضلال.
وقال عليه السلام في خطبة أُخرى :
«فأين تذهـبون؟! وأنّى تؤفكـون؟! والأعلام قائمـة ، والآيات
____________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠ ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.