ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبيّ الله! بأبي أنت وأُمّي ، منذ دعوت لم أنسَ شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف علَيّ النسيان في ما بعد؟! فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل» (١).
فعليٌّ عليه السلام بجانب من شدّة الصلة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقربه منه زماناً ومكاناً وبيتاً وصحبة ورحماً وملازمة وأُخوّة ومحبّة ، حتّى نزلت آية وجوب التصدّق قبل نجوى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعمل بها إلاّ هو عليه السلام دون بقيّة الصحابة حتّى نسخت ، وكانت بيوت بعضهم في العوالي قد لا يرون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أيّاماً كما جاء ذلك على لسان بعضهم (٢) ، مضافاً إلى شدّة عناية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم به عليه السلام وإزلافه له ، فخصّه بتزويج فاطمة عليها السلام والمؤاخاة معه ، كما في آية المباهلة وغير ذلك من المواطن والمشاهد المذكورة في كتب الفريقين.
والغريب من أهل سـنة الجماعة ـ حين يستدلّون لحجّيّة الصحابيـالتغافل عن كلّ ذلك ، وعن تقديم حجّيّة قول عليٍّ عليه السلام وفِعله ومقامه على بقيّة الصحابة.
وكيف يستقيم ذلك مع حجيّة الصحابي ، بأنّه لولاهم لانقطع نقل الدين وثبوته؟!
وكيف يستبدلون حجّيّة الثقلين ـ كتاب الله وعترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ المنصوص عليها في القرآن وحديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المتواتر بين الفريقين ،
____________
(١) أُصول الكافي ١ / ٦٢ ـ ٦٤ ح ١ ، الخصال : ٢٥٥ ح ١٣١.
(٢) انظر مثلاً : صحيح البخاري ١ / ٥٥ ـ ٥٦ ح ٣١ باب التناوب في العلم ، سنن الترمذي ٥ / ٣٩٢ ح ٣٣١٨ كتاب تفسير القرآن.