المعتزلة والأشاعرة
انقضت أيام عمر بن الخطاب ، واستقبل المسلمون عثمان خليفة عليهم ـ وبعضهم راض والآخرون متأففون ـ حتى جاء يوم قتل فيه عثمان وتولى علىّ الخلافة ، فطولب بالثأر لعثمان ، وثار عليه طلحة والزبير وعائشة فقاتلهم وهزمهم ، وثار عليه معاوية فقاتله فى صفّين وكاد يهزمه لو لا المصاحف ، ثم احتكم الفريقان ، فلم يرض عن التحكيم بعض فريق علىّ ، وانتقل علىّ.
المسألة كما ترى سياسية ، خليفة قتيل ، وخليفة جديد ، وثالث يريد الخلافة فأين يقف الحق؟
وقد راح المسلمون يتجادلون فى أمر عثمان ، وأمر قتلته ، وفى علىّ وفى أصحاب الجمل ، وفى القوم الخارجين عليه ، وهم حينما يتناظرون فى هذه القضايا يصبغونها بالدين. بل ويحوّلونها إلى مشكلة دينية. وكثر الجدل ودار النقاش.
وهناك بعيدا عن الفتن وعن السياسة اعتزلت طائفة من المسلمين هذا الخضمّ ، ولم تنغمس فى حرب الجمل ولم تشترك فى وقعة صفّين ، فقد كانت ترى أن الحق ليس بجانب إحدى الطائفتين المتنازعتين (علىّ وأصحاب الجمل) و (علىّ ومعاوية).
وهؤلاء هم المعتزلة الأول الذين ظهروا قبل مدرسة الحسن البصرى نحو مائة عام (١).
وقد ثارت خصومة بين الخوارج وغيرهم من المسلمين حول الأيمان ، هل مرتكب الكبيرة (٢) كافر هو أم مؤمن؟
ورأت الخوارج أن العمل بأوامر الدين ، من صلاة وصيام وصدق وعدل ،
__________________
(١) أحمد أمين ـ فجر الاسلام ـ ٢٩٠.
(٢) الكبائر هى [الشرك ـ القتل ـ قذف المحصنات من النساء ، الزنا ، أكل مال اليتيم ، الفرار من الزحف ، التعرب بعد الهجرة].