ويقول : ولنا على ما ذهبنا إليه دليلان : الأول أنّا لم نعثر فيما قرأنا فى كتب التاريخ أن رجلا من كبار المعتزلة كواصل وعمرو بن عبيد وأمثالهما قد اضطهد من الأمويين ، ... والثانى وهو الأهم ، ما نقل من أنّ بعض المتأخرين من خلفاء بنى أمية كيزيد بن الوليد ومروان بن محمد اعتنق مذهب الاعتزال ، ومن المحال أن يعتنقوه ، إذا كان يضعف دولتهم ويؤيد خصومهم (١).
وجاءت الدولة العباسية ، وكان عمرو بن عبيد صديقا للمنصور ، قبل أن تنتهى الخلافة إليه (٢) وكان المنصور يحترمه ويخضع لزهده ويطلب منه الموعظة فيعظه (٣) أما المهدى فقد كان شديدا على الزنادقة والمخالفين وقد جدّ فى طلبهم والبحث عنهم وعيّن لذلك موظفا خاصا فقتل عددا منهم (٤) وشجّع المعتزلة وغيرهم فى الرّدّ عليهم وأخذهم بالحجّة وكشف شبهاتهم (٥) هذا. ومن أخبار المعتزلة مع الرشيد أنه قرب إليه بعض رجالات الاعتزال ، وكان يحترم ابن السبّاك محمد بن صبيح ويستفتيه ويطلب موعظته (٦) ويفتح صدره لثمامة بن أشرس حين قدوم ثمامة بغداد (٧) وبالرغم من ذلك فالمعروف أنه عزم أن يقتل بشرا المريسى لقوله بخلق القرآن (٨) وأنه لم يتردد فى حبس ثمامة بن أشرس حين وقف على كذبه فى أمر أحمد بن عيسى (٩)
__________________
(١) رجعت فى هذا النص وفى غيره من الأفكار المعروضة باختصار إلى البحث القيم للأستاذ أحمد أمين عن المعتزلة فى فجر الإسلام ص ٢٩٥ وفى غيرها من صفحات تبدأ من ٢٩٠ وله مثلها فى الضحى والظهر ، وإلى مقال نيلينو القيمة «بحوث فى المعتزلة» وهو ضمن كتاب «التراث اليونانى فى الحضارة الإسلامية». عدا المصادر المذكورة فى مكانها.
(٢) ابن قتيبة ـ عيون الأخبار ـ ١ / ٢٠٩.
(٣) ابن عبد ربه ـ العقد الفريد ـ ١ / ٣٠٦.
(٤) اليعقوبى ـ تاريخ اليعقوبى ـ ٢ / ٤٨٢ ط بريل سنة ١٨٨٣ م والطبرى ـ تاريخ الأمم ـ ١٠ / ٩ و ١٠ ط الأولى ـ الحسينية القاهرة.
(٥) انظر ـ أبو زهرة ـ أبو حنيفة ـ ١٤٨.
(٦) العسقلانى ـ ميزان الاعتدال ـ ٣ / ٢٨٥.
(٧) البغدادى ـ تاريخ بغداد ـ ٧ / ١٤٥ ط الأولى ١٩٣١ الخانجى.
(٨) نفس المصدر ـ ٧ / ٢٤.
(٩) الطبرى ـ تاريخ الأمم والملوك ـ ١٠ / ٧١.