ووصل الخبر إلى عبيد الله بن زياد ، فأرسل إليهم الحصين بن نمير مسرعاً في اثني عشر ألفاً ، وقيل : في عشرين ألفاً ، وعسكر العراق يومئذٍ ثلاثة آلاف ومائة لا غير ، فتهيّأت العساكـر للقتال وذلك يوم الأربعاء لأربـع ـ وقيل : لثمان ـ بقين من جمادى الأُولى سنة خمس وسـتّين.
فجعل أهل العراق على ميمنتهم المسيّب بن نجبة ، وعلى ميسرتهم عبـد الله بن سعد ، وقيل بالعكس ، وعلى الجناح رفاعة بن شدّاد ، والأمير سليمان بن صرد في القلب.
وجعل أهل الشام على ميمنتهم عبـد الله بن الضحّاك بن قيس الفهري ، وقيل : جبلّة بن عبـد الله ، وعلى ميسرتهم ربيعة بن المخارق الغنوي ، وعلى الجناح شُرَحْبيل بن ذي الكلاع ، وفي القلب الحصين بن نمير.
ودنا بعضهم من بعض ، فدعاهم أهل الشام إلى الدخول في طاعة عبـد الملك بن مروان ، وكان مروان قد مات في شهر رمضان من هذه السنة ، وبويع بالخلافة ولده عبـد الملك ؛ وقيل : بل كان مروان حيّاً ، ودعاهم أصحاب سليمان إلى تسليم عبيد الله بن زياد إليهم ، والخروج من طاعة عبـد الملك وآل الزبير ، وردّ الأمر إلى أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فأبى الفريقان ، وحمل بعضهم على بعض ، وجعل سليمان بن صرد يحرّضهم على القتال ، ويبشّرهم بكرامة الله ، ثمّ كسر جفن سيفه وتقدّم نحو أهل الشام ، وجعل يرتجز ويقول :
إلَيْكَ رَبّي تُبتُ مِنْ ذُنوبي |
|
وقَدْ عَلاني في الوَرى مَشيبي |
فارْحَمْ عُبَيْداً غَيْـرُ ما تَكْذيبِ |
|
واغْفِرْ ذُنوبي سَيّدي وحوبي |
[الرجز]