فقال عبـد الله بن عوف : بشرى وربّ الكعبة.
وقال للأعرابي : ممّن أنت؟
قال : من بني تغلب.
قال : غلبناهم وربّ الكعبة إن شاء الله ، ثمّ أتوا بالأعرابي إلى المسيّب وأخبروه بما قال ، فسرّ بذلك ، وقال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يعجبه الفأل ، ثمّ قال للأعرابي : كم بيننا وبين أدنى القوم؟
فقال : ميل ، هذا شُرَحْبيل (١) بن ذي الكلاع منك على رأس ميل ومعه أربعة آلاف ، ومن ورائهم الحصين بن نمير في أربعة آلاف ، ومن ورائهم الصلت بن ناجية الغلابي في أربعة آلاف ، وجمهور العسكر مع عبيد الله بن زياد بالرَقَّة (٢).
وكان ابن زياد توجّه من الشام في عسكر عظيم ـ كما تقدّم ـ ، فلمّا وصل إلى الرقّة أرسل هؤلاء أمامه مقدّمة له.
فسار المسيّب ومن معه مسرعين حتّى أشرفوا على عسكر أهل الشام وهم آمنون غير مستعدّين.
فقال المسيّب لأصحابه : كرّوا عليهم ، فحملوا في جانب عسكرهم ، فانهزم عسكر أهل الشام ، وقتل المسيّب وأصحابه منهم وجرحوا كثيراً ، وأخذوا الدوابّ ، وخلّى الشاميّون معسكرهم وانهزموا ، فغنم منه أصحاب المسيّب ما أرادوا ، ثمّ صاح في أصحابه : الرجعة إنّكم قد نصرتم وغنمتم وسلمتم. فانصرفوا إلى سليمان موفورين غانمين.
____________
(١) كذا في الكامل وذوب النضار ؛ وفي الأصل : شراحيل ، وكذا في الموضع التالي.
(٢) الرقَّة : مدينة مشهورة على الفرات من جانبه الشرقي ، في بلاد الشام. مراصـد الاطّلاع ٢ / ٦٢٦.