كَذِبْتَ قَدْ كُنْتَ بِها مَغْبونا |
|
مُذَبْذَباً في أمْرِهِ مَفْتونا |
لا يَعْرِفُ الحَقَّ ولا اليَقينا |
|
بُؤْساً لهُ لَقَدْ قَضَى مَلْعونا |
[الرجـز]
ثمّ التقيا فضربه الأحوص فقتله ، ثمّ عاد إلى صفّه.
وزحف ابن زياد إلى ابن الأشتر ، فلمّا تدانى الصفّان حمل الحصين ابن نمير في ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم وعليها عليّ بن مالك الجشمي ، فثبت له هو بنفسه ، فقُتل ، فأخذ رايته ولده قرّة بن عليّ ، فقُتل في رجال من أهل البأس ، وانهزمت ميسرة إبراهيم ، فأخذ الراية عبـد الله ابن ورقاء ، فاستقبل أهل الميسرة حين انهزموا ، فقال : إليّ يا شرطة الله! فأقبل إليه أكثرهم ، فقال : هذا أميركم يقاتل ابن زياد ، ارجعوا بنا إليه.
فرجعوا فإذا إبراهيم كاشف عن رأسه ينادي : إليّ يا شرطة الله! أنا ابن الأشتر ، إنّ خير فراركم كراركم ، ليس مسيئاً من أعتب.
فرجع إليه أصحابه ، وحملت ميمنة إبراهيم على ميسرة ابن زياد وهم يرجون أن ينهزم عمير صاحب ميسرة ابن زياد كما وعدهم ، فقاتلهم عمير قتالاً شديداً وأنف من الفرار ، فلمّا رأى ذلك إبراهيم قال لأصحابه : اقصدوا هذا السواد الأعظم ، فوالله لئن هزمناه لانجفل (١) من ترونه يمنة ويسرة انجفال الطير إذا ذعرته.
فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا بالرماح ، ثمّ تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان يسمع ضرب الحديد على الحديد كأصوات القصّار ، وجعل إبراهيم يحمل على عسكر ابن زياد ويضرب فيهم بسيفه وهو يقول :
____________
(١) انجفل القوم : انقلعوا فمضوا. القاموس المحيط ٣ / ٣٤٩ مادّة «جـفل».