فخرج مغضباً فقال : ما بال أقوام ينتقصون عليّاً ؟! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومن فارق عليّاً فقد فارقني ، إنّ عليّاً منّي وأنا منه ، خلق من طينتي وأنا خلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم (١) ، ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) ، يا بريدة ! أما علمت أنّ لعليّ أكثر من الجارية التي أخذ ، وأنّه وليّكم بعدي (٣) ؟!
وهذا الحديث ممّا لا ريب في صدوره ، وطرقه إلىٰ بريدة كثيرة ، وهي معتبرة بأسرها .
ومثله ما أخرجه الحاكم عن ابن عبّاس من حديث جليل (٤) ، ذكر فيه عشر خصائص لعليّ ، فقال : وقال له رسول الله صلّىٰ الله عليه وآله وسلّم : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي .
__________________
(١) لمّا أخبر أنّ عليّاً خلق من طينته صلّىٰ الله عليه وآله وسلّم ، وهو بحكم الضرورة أفضل من عليّ ، كان قوله : « وأنا خلقت من طينة إبراهيم » مظنّة لتوهّم أنّ إبراهيم أفضل منه صلّىٰ الله عليه وآله وسلّم ، وحيث أنّ هذا مخالف للواقع صرّح بأنّه : « أفضل من إبراهيم » دفعاً للتوهّم المخالف للحقيقة .
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٣٤ .
(٣) إنّ ابن حجر نقل هذا الحديث عن الطبراني في ص ١٠٣ من صواعقه ، أثناء كلامه في المقصد الثاني من مقاصد الآية ١٤ من الآيات التي ذكرها في الباب ١١ من الصواعق ، لكنّه لمّا بلغ إلىٰ قوله : « أما علمت أنّ لعليّ أكثر من الجارية » ، وقف قلمه ، وٱستعصت عليه نفسه ، فقال : إلىٰ آخر الحديث ، وليس هذا من أمثاله بعجيب ، والحمد لله الذي عافانا .
(٤) أخرجه الحاكم في أوّل ص ١٣٤ من الجزء ٣ من المستدرك . .
والذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّته . .
والنسائي في ص ٦ من الخصائص العلوية . .
والإمام أحمد في ص ٣٣١ من الجزء الأوّل من مسنده . .
وقد أوردناه بلفظه في أوّل المراجعة ٢٦ .