يقول الأُستاذ عبد الحسيب طه : فكانت القصائد الباكية ، والخطب الرائعة ، والأقوال الدامية ، صدىً لهذه الدماء المسفوحة ، والجثث المطروحة ، تبعث ذكراها في كلّ قلب حزناً ، فيبعث الحزن أدباً ، يصوّر الآلام ، ويعلن الفضائل ، ويستميل القلوب ، ويسجّل العقائد ، ويشرح القضية الشيعية ، ويحتجّ لها في صراحة وعنف ، فيتناولها من أطرافها ، مفتناً في كلّ ذلك ، فمفاضلة جريئة ، ومعارضة شديدة ، ومناقشة فقهية ، ودعاية حزبية . . . (١) .
أمّا هو عليهالسلام فقد حاربهم الدهر كلّه ، ودكّ مواضعهم أينما حلّوا ، وسلب عن أعينهم لذيذ منامها ، ومن ثمّ أهلكهم فانطمس ذكرهم ، وإن ذكرهم ذاكر فاللعن قرينهم .
وها هو ذكر الحسين عليهالسلام علىٰ مرّ العصور ، فهو يذكر في كلّ زمان ومكان ، ويحتفل بذكره كلّ شيء ، فلم يقتصر ذكره علينا ، بل ذكره في عرش الله .
وقد صدق فيه وفي أخيه الحسن عليهالسلام قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّ حبّ الحسن والحسين قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين » (٢) ولم تقتصر تلك المحبّة علىٰ جيل دون جيل ، بل إنّه ثروة الأُمّة في كلّ عصر ومصر ، ومن حقّ كلّ الأجيال أن تتعرّف عليه ، وتقتدي به ، وتسلك سلوكه ، ليؤول مصيرها بقربه في الجنّة التي هو سيّد شبابها جميعاً (٣) .
__________________
(١) أدب الشيعة : ١٧٠ .
(٢) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٣ / ٣٨٣ ، عنه بحار الأنوار ٤٣ / ٣٨٣ .
(٣) روىٰ الطوسي في الأمالي : ٣١٢ ح ٨١ بإسناده عن عليّ عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، عنه بحار الأنوار ٤٣ / ٢٦٥ ح ١٩ ، وعوالم العلوم ١٦ / ٣٨ ح ١ وص ٩٧ ح ٢ .