قال : وفي كلام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة مواضع متعدّدة هي كالصريحة في المطلوب ، وفيها من التوجّع والتألّم ما يفتّ الكبد ويوهي الجلد ، أحببتُ أن أُورد منها نبذة ؛ لأنّ أكثر ذلك مروي من طرق أهل السُـنّة ، وما من شـيء إلاّ وقـد ذكر الشيخ عزّ الدّين عبـد الحميد بن أبي الحديد إسناده من طرقهم ومَن أورده منهم ، فمن ذلك الخطبة المعروفة بالشقشقية.
وبعد ذكره لها قال : ومن كلامه عليه السلام : «يا عجباً! أن تكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة!!» ويروى له عليه السلام شعر في هذا المعنى : ... ـ وذكر البيتين ـ.
ثمّ قال : ومن كلامه عليه السلام من هذا النمط شيء كثير لمن تتبّعه ، ولسنا بصدد حصره ؛ لأنّ اليسير منه كافٍ في الدلالة على ما نحن بصدده لمن كان طالباً للحقّ ومتحرّياً للصواب. ولعمري من وقف على ما أثبتناه من الدلائل ، واطّلع على ما أوردناه من الحجج ، فلم يعرف الحقّ من كلّ واحد منها ، ولا تبيّن له طريق الهدى من جملتها ، لسقيم الفؤاد ، وشديد المرض بداء العناد ، مأيوس من برئه بعلاج الكلام ، إذ لا دواء له بعد إلاّ الضرب بالحسام ، والمؤاخذة بعظيم الانتقام (١).
وشرح ابن أبي الحديد المعتزلي كلامه عليه السلام قائلاً : حديثه عليه السلام في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر ..
أمّا النثر فإلى عمر توجيهه ؛ لأنّ أبا بكر لمّا قال لعمر : امدد يدك ، قال له عمر : أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله في المواطن كلّها ، شدّتها
____________
(١) نفحات اللاهوت : ١٣١ ـ ١٣٣ ، نهج البلاغة : ٥٠٢ ـ ٥٠٣ خطبة ١٩٠ ، ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ١٣٨ ـ ١٤٠.