وقد نُقل أنّ عمر سأل نساء أهل المدينة ـ لمّا أخرج أزواجهن إلى الجهاد ، وسـمع امرأة تنشـد أبياتاً من جـملتها : ... وذكر البيت ـ عن أكثر ما تصبر المرأة عن الجماع؟ فقيل : أربعة أشهر. فجعل المدّة المضروبة للغيبة أربعة أشهر (١).
وهذا البيت جزء من مقطوعة شعريّة قالتها امرأة مجهولة ..
حكى السيوطي عن الحافظ أبي بكر بن أبي الدنيا في كتابه الأشراف ، قال : حـدّثني أبـي ، عن محمّـد بن إسـحاق ، عن سليمان بن جبير مولى ابن عبّـاس ـ وقد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ـ قال : ما زلتُ أسمع حديث عمر هذا أنّه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة ، وكان يفعل ذلك كثيراً ، فمرّ بامرأة مغلقة عليها بابها وهي تقول ـ فاستمع لها عمر ـ :
تَطاوَلَ هذا اللَّيلُ تَسْـري كَواكِبُهْ |
|
وأرَّقَني أنْ لا ضَجِيعَ أُلاعِبُهْ |
فواللهِ لَوْلا اللهُ لا شيءَ غَيْرُهُ |
|
لحَرَّكَ مِن هذا السَّريرِ جوانِبُهْ |
وبِـتُّ أُلاهي غَيْرَ بِدْعِ مُلَعَّنٍ |
|
لَطِيفِ الحَشـا لا يَحتويهِ مُصاحِبُهْ |
يُلاعبنُي طَوْراً وَطَوْراً كأنّما |
|
بَدَا قَمرَاً في ظُلْمـةِ اللَّيْلِ حـاجِبُهْ |
يُسَرُّ مَنْ كانَ يَلْهو بِقُرْبِهِ |
|
يُعَاتِبُني في حُبِّهِ وَأُعاتِبُهْ |
وَلكِنَّني أخْشَى رَقِيباً مُوَكَّلاً |
|
بِأنْفُسِنا لا يَفْتُرُ الدَّهْرَ كاتِبُهْ |
ثمّ تنفّست الصعداء وقالت : لهانَ على ابن الخطّاب وحشتي في بيتي ، وغيبة زوجي عنّي ، وقلّة نفقتي؟
فقال عمر : يَرحمك الله. فلمّا أصبح بعث إليها بنفقة وكسوة ، وكتب إلى عامله يُسرّح إليها زوجها (٢).
____________
(١) جامع المقاصد ١٢ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧.
(٢) شرح شواهد المغني ٢ / ٦٦٨ ـ ٦٦٩ رقم ٤٢٨.