فاختلفا بضربتين ، فبدأه عليّ عليه السلام بضربة ، فَقَدَّ الحجر والمغفر وفلق رأسه حتّى أخـذ السيف في الأضـراس ، وأخـذ المدينة ، وكان الفتح على يديـه (١).
واعلم أنّ حديث الكرامة التي منحها الله تعالى للإمام عليّ عليه السلام يوم خيبر ، من فتح هذا الحصن على يديه ، حديث متواتر أخرجه علماء المسلمين كافّة : المؤرّخون يذكرونه في مصنّفاتهم التأريخية في الغزوات التي جرت في السنة السابعة للهجرة ، وعلماء الحديث يروونه في موسوعاتهم الحديثية بعنوان «حديث الراية» ، والأُدباء يذكرون الشعر الذي قيل فيه.
قال الواقدي في حديث غزوة خيبر : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : «لأُعطينَّ الراية غداً رجلاً يُحبّه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرّار ، أبشر يا محمّـد بن مسلمة ، غداً إن شاء الله يُقتل قاتل أخيك وتولّي عادية (٢) اليهود» فلمّا أصـبح أرسلَ إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو أرمد ، فقال : «ما أُبصر سهلاً ولا جبلاً» ، قال : فذهب إليه فقال : «افتح عينيك» ففتحهما ، فتفل فيهما ، قال عليّ عليه السلام : «فما رمدت حتّى الساعة».
ثمّ دفع إليه اللواء ودعا له ومن معه من أصحابه بالنصر ، فكان أوّل من خرج إليهم الحارث أخو مرحب في عاديته ، فانكشف المسلمون وثبت عليّ عليه السلام ، فاضطربا ضربات فقتله عليّ عليه السلام ، ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن فدخلوه وأغلقوا عليهم ، فرجع المسلمون إلى موضعهم ، وخرج مرحب وهو يقول : ... ـ وذكر البيتين ـ.
____________
(١) نفحات اللاهوت : ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) أي الّذين يعدون على أرجلهم. النهاية ٣ / ٧٤.