واعلم أنّ قول المصنّف : (وجعل الأرض مسجداً) يمكن أن يكون مصدراً معطوفاً على فاعل (أُبيح) ، ويمكن أن يجعل فعلاً ماضياً على حدّ : «ولا أرْضَ أبْقَلَ إبْقالَها» (١).
وهذا الشاهد عجز بيت قاله عامر بن جُوَيْنٍ الطائي ، واستشهد به الكثير من علماء اللغة في هذا الموضع.
قال ابن عقيل في شرح ألفية ابن مالك ، في شرحه قوله :
والحَذْفُ قَدْ يَأتي بِلا فَصْلٍ ومَعْ |
|
ضَمِيرِ ذي المَجازِ في شِعْرٍ وَقَعْ |
قد تُحذف التاء من الفعل المسند إلى مؤنّث حقيقي من غير فصل ، وهو قليل جدّاً ، حكى سيبويه : قال فلانة.
وقد تُحذف التاء من الفعل المسند إلى ضمير المؤنّث المجازي ، وهو مخصوص بالشعر كقوله :
فَلا مُزْنَـةٌ وَدَقَـتْ وَدْقَها |
|
ولا أرْضَ أبْقَلَ إبْقـالَهـا (٢) |
وقال الجوهري في الصحاح : أبقلت الأرض : خرج بقلها ، قال عامر ابن جُوَيْنٍ الطائي : ... ـ وذكر البيت ـ.
ثمّ قال : ولم يقل : أبقلت ؛ لأنّ تأنيث الأرض ليس بتأنيث حقيقي.
وذكره بهذه الصورة ابن دريد في جمهرته (٣) ، وابن منظور في لسانه (٤).
____________
(١) جامع المقاصد ١٢ / ٦٢.
(٢) شرح ابن عقيل : ٢٤٤.
(٣) جمهرة اللغة ١ / ٣٢٠ مادّة «بـقل».
(٤) لسان العرب ١ / ٤٦٤ مادّة «بـقل».