لكن لا يصحّ أن نبالغ في التخوّف من موجة الثقافة المادية التي تبعد الناس عن الدين ، فطالما شهدت شعوب أُمّتنا الإسلامية موجات مضادّة للدين واجتازتها ، وهي الآن تجتاز موجة المادية بسرعة ، بدليل أن نسبة المتديّنين في حالة ازدياد وليست في تناقص!
على أنّ هذا لا يؤثر على مكانة التراث الإسلامي والكتاب ، فلا ننس أنّ الأحداث الأخيرة قد زادت من إقبال المسلمين ، وضاعفت من إقبال غيرهم على الكتاب الإسلامي؛ وهذا دليل على أنّ مكانة التراث تتعزّز مع الزمن رغم العوامل المضادّة.
والسبب في ذلك أنّ هذا التراث المقدّس يتميّز بعناصر قوّة فريدة!
١ ـ التراث الإسلامي خالد إلى يوم القيامة :
التراث بمعناه الإسلامي يعني مصادر الإسلام ، من القرآن الكريم ، وأحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام ، ومؤلّفات العلماء التي تتعلّق بذلك .. وتسميتنا لها جميعاً بالتراث باعتبارها مصادر ورثناها من أجيالنا السابقة. والقرآن الكريم هو الكتاب المصدّق للكتب السماوية والمهيمن عليها ، ونبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء المصدّق لهم والمكمّل لبنائهم عليهم السلام ، ورسالته هي الصيغة الإلهية الخاتمة لرسالات الله تعالى إلى الشعوب ، إلى يوم القيامة.
والدين الذي يمتاز بهذه الميزات الحيوية ، يبقى تراثه حيّاً مطلوباً ، معاشاً من قبل المسلمين ، مقصوداً من قبل غيرهم للاطّلاع والمعرفة ، وهذا يعزّز مكانة تراثه دائماً.
٢ ـ تأكيد القرآن والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على أهمّية الكتابة والقراءة :
إنّ الكتاب والكتابة أصل من أُصول الدين الإلهي ؛ إذ قام الدين الإلهي على إرسال الأنبياء والرسل عليهم السلام وتنزيل الصحف والكتب الإلهية.