يكبّهم الله في النار على مناخرهم» (١).
والحديث قد اشتمل على معنىً متدافع ، وهو إنّ الزلّة تُغفر لجماعة وتُدخل النار جماعة أُخرى ، والظاهر أنّ الجملة المتوسّطة ـ وهي الغفران بسبب الصحبة السابقة ـ زيادة من يد الوضع ، كما في مقولة : «المغفرة للصحابي وإن بلغ عمله الطالح ما بلغ» ، والتي تعرّضنا لزيفها في الحلقات السابقة بدلالة آيات «الأنفال» في واقعة بدر وآيات «آل عمران» في واقعة أُحـد ..
والحديث وإن اشتمل على هذه الزيادة ، وعلى هذا المعنى المتدافع ، إلاّ أنّ أصله متطابق مع الأحاديث المستفيضة الواردة وجملة من الآيات الدالّة على الإحداث والتبديل.
ولنعم ما قال الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام : «إنّ العرب كرهت أمر محمّـد صلى الله عليه وآله ، وحسدته على ما آتاه الله من فضله ، واستطالت أيامه حتّى قذفت زوجته ، ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها ، وجسيم مننه عندها ، وأجمعت مذ كان حيّاً على صرف الأمر عن بيته بعد موته ، ولولا أنّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة ، وسلّماً إلى العزّ والإمرة لَما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً» (٢).
* * *
____________
(١) الكامل ـ لابن عدي ـ ٤ / ١٤٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢٠ / ٢٩٨.