فقال : «يا أبا أحمد! ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : كفى بالندم توبةً. وقال : مَن سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن ؛ فمَن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالماً ، والله تعالى يقول : (ما للظالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يُطاعُ) (١)».
فقلت له : يا بن رسول الله! وكيف لا يكون مؤمناً مَن لم يندم على ذنب يرتكبه؟!
فقال : «يا أبا أحـمد! ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلاّ نـدم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائباً مستحقّاً للشفاعـة ، ومتى لم يندم عليها كان مصـرّاً ، والمصـرّ لا يُغفر له ؛ لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ..
وأمّا قول الله : (ولا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى) ، فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى الله دينه ، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيّئات ، ومَن ارتضى الله دينه ندم على ما يرتكبه من الذنوب ؛ لمعرفته بعاقبته في القيامة» (٢) ، فإنّه استدلال عقلي لتقييد الشفاعة بمَن ارتضى الله دينه وهو المؤمن ، وأنّ الضالّ القاصر لا تناله الشفاعة إلاّ بعد التبيان والامتحان وتعرّفه على حقائق الإيمان فينخرط في زمرة المؤمنين.
ونظير الروايات المتقدّمة : ما رواه الصدوق بسنده عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهم السلام ، قال : «إنّ للجنّة ثمانية أبواب ...
____________
(١) سورة غافر ٤٠ : ١٨.
(٢) التوحيد : ٤٠٧ ح ٦ ، بحار الأنوار ٨ / ٣٥١ ح ١.