القومَ الكافرين) (١) ..
فإنّه تعالى قد نفى تبليغ الرسالة ـ من الأساس ـ مع عدم إبلاغ ولاية عليّ عليه السلام للناس ، وهو يقتضي عدم الاعتداد بتوحيد الناس للذات الإلهية وبإقرارهم بالمعاد والنبوّة من دون ولاية عليّ عليه السلام ، أي أنّ التوحيد في جميع أبوابه وأركانه وحدة واحدة : توحيد الذات ، وتوحيد الغاية والخلوص ، وتوحيد التشريع ، وتوحيد الولاية.
ولازم الكفر والإشراك في مقام من مقامات التوحيد هو الكفر والإشراك الخفي المبطّن في بقية المقامات ، وذيل الآية صريح في ترتّب الكفر على ذلك في مقابل الإيمان ، لا ما يقابل ظاهر الإسلام ؛ إذ الظاهر مترتّب على الإقرار بالشهادتين لساناً.
ونظير قوله تعالى : (اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضِيتُ لكم الإسلامَ ديناً) (٢) ..
فإنّ الإكمال يستعمل في تحوّل الشيء في الأطوار النوعية من نوع إلى نـوع ، والإتمام يسـتعمل في انضمام الأجزاء الخارجية بعضها إلى بعض ، ففي التعبير عناية فائقة في كون الدين لم يكتمل طوره النوعي التام إلاّ بالولاية ، وأمّا النعمة الدنيوية فلا تتمّ أجزاءها إلاّ بها أيضاً ، وإن كان للأجزاء قوام مستقلّ ، كمَن امتنع عن المحرّمات والفواحش فإنّه يتنعّم بالوقاية من مفاسدها الدنيوية ، وهذا ممّا يبيّن الاختلاف الماهوي بين الإسلام في ظاهر اللسان وبين الإيمان في مكنون القلب ومقام العمل وهو الإسلام بوجوده الحقيقي.
____________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦٧.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٣.