وإنّك وإن أجهدت وأتعبت نفسك فلن تجد ديناً ومذهباً يعتقد بحاكمية الله تعالى السياسية والتنفيذية كحاكميته تعالى في التشريع والقانون ، كما كان حال حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته السياسية ، التي يستعرضها القرآن الكريم ؛ فإنّ الحاكم السياسي الأوّل في حكومته صلى الله عليه وآله وسلم كان هو الباري تعالى في المهمّات والمنعطفات في التدبير السياسي والعسكري والقضائي ، وقد اختفت حاكمية الله تعالى هذه في عهد الخلفاء الثلاثة ثمّ عاودت الظهور في عهد الأمير عليه السلام ، فإنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام محالّ مشيئة الله تعالى وإراداته ، فتصرّفاتهم منوطة بإرادته المتنزّلة عليهم.
فهذه الحاكمية التوحيدية لا تجد لها أثراً في مذاهب المسلمين ، فضلاً عن الأديان الأُخرى المحرّفة ، سوى مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فمن ثمّ كانت الإمامة والولاية هي مظهر ومجلى التوحيد في الولاية ، وكان الاعتقاد بها هو كمال التوحيد وذروته وسنامه ؛ إذ أنّ تجميد التوحيد في الذات أو في الصفات أو في التشريع أو في المعاد ـ إنّ إليه الرجعى والمنتهى ـ تعطيل له ، ولا تظهر ثمرته إلاّ بظهوره في الولاية والحاكمية في مسـيرة البشـر.
ويمكن ملاحظة اشتراط الولاية في صحّة الاعتقاد ، فضلاً عن الأعمال ، في جلّ الآيات الواردة في ولاية أهل البيت عليهم السلام ، وكذلك في كثير من الروايات ..
* أمّا الآيات :
فنظير قوله تعالى : (يا أيّها الرسولُ بلّغْ ما أُنْزِلَ إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالتَهُ واللهُ يعصِمك من الناس إنّ الله لا يهدي