بالبرّ والإحسان ، شكراً لما أنعم الله به عليهم في مثل ذلك اليوم من النصّ على أمير المؤمنين بالخلافة والعهد إليه بالإمامة ، وكانوا يصلون فيه أرحامهم ، ويوسّعون على عيالهم ، ويزورون إخوانهم ، ويحفظون جيرانهم ، ويأمرون أولياءهم بهذا كلّه.
٧ ـ وبهذا كان يوم ١٨ من ذي الحجّة في كلّ عام عيداً عند الشيعة (١) في جميع الأعصار والأمصار ، يفزعون فيه إلى مساجدهم ، للصلاة فريضة ونافلة ، وتلاوة القرآن العظيم ، والدعاء بالمأثور ، شكراً لله تعالى على إكمال الدين وإتمام النعمة ، بإمامة أمير المؤمنين ، ثمّ يتزاورون ويتواصلون فرحين مبتهجين ، متقرّبين إلى الله بالبرّ والإحسان ، وإدخال السرور على الأرحام والجيران.
ولهم في ذلك اليوم من كلّ سنة زيارة لمشهد أمير المؤمنين ، لا يقلّ المجتمعون فيها عند ضراحه عن مئة ألف ، يأتون من كلّ فجّ عميق ليعبدوا الله بما كان يعبده في مثل ذلك اليوم أئمّتهم الميامين ، من الصوم والصلاة والإنابة إلى الله ، والتقرّب إليه بالمبرّات والصدقات ، ولا ينفضّون حتّى يحدقوا بالضراح الأقدس فيلقوا ـ في زيارته ـ خطاباً مأثوراً عن بعض أئمّتهم ، يشتمل على الشهادة لأمير المؤمنين بمواقفه الكريمة ، وسوابقه العظيمة ، وعنائه في تأسيس قواعد الدين ، وخدمة سيّد النبيّين والمرسلين ، إلى ما له من الخصائص والفضائل التي منها عهد النبيّ إليه ، ونصّه يوم
____________
(١) قال ابن الأثير في عدّه حوادث سنة ٣٥٢ من كامله : وفيها في ثامن عشر ذي الحجّة ، أمر معزّ الدولة بإظهار الزينة في البلد ـ بغداد ـ وأُشعلت النيران بمجلس الشرطة ، وأظهر الفرح ، وفتحت الأسواق بالليل كما يُفعل ليالي الأعياد ، فعل ذلك فرحاً بعيد الغدير ـ يعني غدير خمّ ـ وضربت الدبادب والبوقات ، وكان يوماً مشهوداً. انتهى بلفظه في ص ١٨١ ج ٨ من تاريخه.