عنيفة ، وحاربه فريق من أهل العلم حرباً استمرت زمناً ليس بالقليل ، والسر معروف لدى من عاصره.
وكـان الذنـب الذي يجده خصمـه فيه هو أنّه مع كونه أعلم أهل زمانه غير أنّه لا يعطي المال ، وينسبون له المثالب عن طريق المغالطة ، ويغرون بها العوام فيصطادون جملاً من خطبه ويوجهونها في غير الغرض الذي قيلت فيه ..
ومنها : «دينارك كدمك ، فاجر دمك في عروقك» وهذه جملة قالها ضمن خطبة ألقاها في مسجد الكوفة عند رجوعه من المؤتمر الإسلامي بفلسطين.
فكانوا يصمونه بالبخل الحادّ ، ويسمّمون أفكار الناس عليه ، في حين أن اعتداده بنفسه كان قد بلغ الذروة ، فهو لا يجد كفؤاً له من الناحية العلمية ، كما لم يجد له كفؤاً من الناحية القبلية.
وبهذا تأزّم الوضع على كثير من المتعاظمين الّذين لم يبق من رصيدهم سوى التغنّي بمجد الآباء ، ولكنّه وهو الطود الذي يُلجأ إليه عند الفزع ، كان لا يتقاعس عن ردّ أي غائلة تداهمهم ، وكلّ حملة تشنّ عليهم من الخصوم ، مع أنّ خيرهم لغيره وعِبْأهم على ظهره ، وبهذا كان يُصعد زفراته ويقول : «إنّ ما أُشاهده ليؤكّد لي ما يقصّه التاريخ من شذوذ وظلم من مناصرة البسطاء ، وخذلان العلماء ، ولست بأوّل قارورة».
مواقفه الوطنية :
لم يشغله التأليف في الدين عن حفظ ثغور المسلمين وكرامتهم ؛ بل راح يسعى لحفظها أيضاً ..