ثمّ تلاه ولده محمّد الباقر عليه السلام ، الخامس من الأئمّة ، وتأثّره في هذه الدعوة ، فبالغ في حثّ أصحابه عليها ، ونشر فضلها وبركاتها ، ثمّ زاد على ذلك ولده جعفر الصادق عليه السلام ؛ فإنّه نوّه بها لشيعته ، وكانت الشيعة قد تكاثرت في عهده ، ومن كبريات طوائف المسلمين وحملة العلم والآثار ، كما أوعزنا إليه في رسائلنا أصل الشيعة وأُصولها (١).
وقد التزم الإمام ولازم السجود عليها بنفسه ؛ ففي مصباح المتهجّد لشيخ الطائفـة الشيخ الطوسـي قدس سره روى بسـنده : أنّه كـان لأبي عبد الله الصـادق عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجّادته وسجـد عليه ، ثمّ قال : إنّ السجود على تربة أبي عبد الله عليه السلام يخرق الحجب السبع (٢).
ولعلّ المراد بالحجب هي الحاءات السبع من الرذائل ، التي تحجب النفس عن الاستضاءة بأنوار الحقّ ، وهي : الحقد ، الحسد ، الحرص ، الحدّة ، الحماقة ، الحلية ، الحقارة (٣).
فالسجود على التربة من عظيم التواضع ، والتوسّل بأصفياء الحقّ يمزّقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل ، وهي : الحكمة ، الحزم ، الحلم ، الحنان ، الحصانة ، الحياء ، الحبّ.
ولذا يروي صاحب الوسائل ، عـن الديلمي ، قال : كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السلام تذلّلاً لله ، واستكانة إليه (٤).
____________
٤٦ / ٧٩ ضمن ح ٧٥.
(١) أصل الشيعة وأُصولها : ١٥٤ وما بعدها.
(٢) مصباح المتهجّد : ٦٧٧ ، الوسائل ٥ / ٣٦٦ ح ٣ باب ١٦.
(٣) انظر : رسالة مشكاة الأنوار ـ للغزالي ـ : ٢٢٨ ضمن مجموعة رسائل.
(٤) الوسائل ٥ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ح ٤ ، إرشاد القلوب : ١١٥.