ولم تزل الأئمّة من أولاده وأحفاده تحرّك العواطف ، وتحفّز الهمم ، وتوفّر الدواعي إلى السجود عليها ، والالتزام بها ، وبيان تضاعف الأجر والثواب في التبرّك بها ، والمواظبة عليها ، حتّى التزمت بها الشيعة إلى اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام.
ولم يمض على زمن الصادق عليه السلام قرن واحد حتّى صارت الشيعة تصنعها ألواحاً ، وتضعها في جيوبها ، كما هو المتعارف اليوم ..
فقد روي في الوسائل عن الإمام الثاني عشر الحجّة عليه السلام ، أنّ الحميري كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسين فيه فضل؟
فأجاب عليه السلام : «يجوز لك ، وفيه الفضل».
ثمّ سأله عن السبحة ، فأجاب بمثل ذلك (١).
فيظهر أنّ صنع التربة أقراصاً وألواحاً كما هو المتعارف اليوم كان متعارفاً من ذلك العصر ، أي وسط القرن الثالث ، حدود المئتين وخمسين هجرية.
وفيها قال : روي عن الصادق عليه السلام : «إنّ السجود على طين قبر الحسين ينوّر الأرضين السبع ، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين كُتب مُسبّحاً وإنْ لم يسبّح فيها» (٢).
وليست أحاديث فضل هذه التربة الحسينية ، وقداستها ، منحصرةً بالشيعة وأحاديثهم عن أئمّتهم ، بل لها في أُمّهات كتب حديث علماء السُنّة شهرة وافرة ، وأخبار متضافرة ، وتشهد بمجموعها أنّ لها في عصر جدّه
____________
(١) الوسائل ٥ / ٣٦٦ ح ٢ باب ١٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٧٤ ح ٧٢٥ ، الوسائل ٥ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ح ١.