وإذا اجتمع السببان فالطامّة الدهياء بين العمى والازدواجية.
قال تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلّكم تهتدون * ولتكن منكم أُمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينْهَوْن عن المنكر وأُولئك هم المفلحون) (١) ..
هذه الآية الكريمة كما تعيّن مدار وحدة المسلمين فهي تنبّأ بملحمة خطيرة ، هي : أنّ الوحدة الإسلامية لم ولن تتمّ ولا تتحقّق في هذه الأُمّة وتنال تلك السعادة في ظلّ الأُلفة الأخوية إلاّ بالاعتصام بـ : «حبل الله» ، أي التمسّك بحبل الله ، فيكون هذا الحبل عاصماً عن الفرقة ، وعن السقوط في الهاوية ، وعن الضياع في المتاهات ؛ فما هو «حبل الله» ، وما هو سرّ التعبير بـ : «الحبل»؟!
لـ«حبل الله» ـ كما لكلّ حبل ـ طرفان ، طرف تستمسك به الأُمّة ، وطرف آخر عند الله تعالى ، أي أنّ هذا الحبل شيء رابط بين البشرية والغيب ، وسبب متّصل بين الأرض والسماء ، فلا بُدّ أن يكون قطب الوحدة ومركز الاتّحاد سبب موصل مطّلع على الغيب ؛ وهذا يعطي أنّ سفينة الوحدة والاتّحاد يجب أن ترسو على ما هو حقّ وحقيقة ، لا التوافق على الهوى والهوس.
وسياق الآية الثانية المتّصلة يصرّح بأنّ الوحدة يجب أن تكون على الخير والمعروف والاجتناب عن المنكر ، بحسب الواقع والحقيقة ، فلو
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤.